ایکنا

IQNA

إغتيال السفير الروسي في قلب أنقرة اخر ما يريده اردوغان .. الرسائل والنتائج؟

12:34 - December 20, 2016
رمز الخبر: 3462816
عواصم ـ إكنا: قبل ثلاثة أعوام قال الرئيس السوري بشار الأسد ان من يضع عقرباً في جيبه عليه أن يتوقع أن يلدغه في يوم ما.. يبدو ان جيب الرئيس اردوغان مليء هذه الأيام بالعقارب والثعابين والعناكب السامة، أو هكذا يعتقد العديد من الخبراء بشؤون المنطقة.
اغتيال السفير الروسي في قلب انقرة اخر ما يريده الرئيس اردوغان..

وأفادت وكالة الأنباء القرآنية الدولية(إكنا) أن اغتيال السفير الروسي في أنقرة، "اندرية كارلوف"، بثماني رصاصات اطلقها رجل أمن تركي كان يردد بصوت عال "حلب"، و"الانتقام".. و"الثأر" ويكبّر "الله اكبر.. الله اكبر"، مع كل رصاصة يطلقها من بندقيته، فإن هذا الاغتيال، وبالطريقة التي جرى تنفيذه عبرها، يلخص محنة تركيا، ومحنة المنطقة بأسرها، وما يمكن أن تواجهه في الأشهر والسنوات المقبلة.

وهذه الرصاصات التي قتلت السفير الروسي هي رسالة احتجاج من قطاع في المجتمع التركي لا نعرف حجمه على وجه الدقة، ضد التقارب الروسي التركي المتصاعد الذي أدى الى حدوث تغيير شبه جذري في الموقف التركي تجاه الازمة السورية، تمثل في عدم التدخل عسكرياً لنصرة المعارضة المسلحة في حلب الشرقية، ومشاركة أكبر من قبل الرئيس التركي رجب طيب اردوغان وحكومته وأجهزتها الامنية في الحرب ضد الجماعات المتشددة في سورية والعراق.

والسفير كارلوف ليس سفيراً عادياً، ولعب دوراً كبيراً في التقارب التركي الروسي في الأشهر الماضية، ويوصف بأنه مهندس الاتفاق الذي أدى الى اخراج المسلحين من حلب الشرقية، وضابط الاتصال بين حكومته الروسية ونظيرتها التركية، ويملك خبرة دبلوماسية تمتد الى اكثر من ثلاثين عاماً، ولذلك فان الخسارة التركية ستكون كبيرة باغتياله، وفي هذا التوقيت بالذات.

وان يقدم رجل أمن تركي في العشرين من عمره على عملية الاغتيال هذه، كاشفاً عن ميوله الجهادية وتشدده الإسلامي، فهذا يؤكد وجود اختراق كبير للجماعات المتطرفة للمؤسستين العسكرية والأمنية في تركيا، وربما وجود خلايا نائمة في ثناياهما، وجاهزة لتنفيذ عمليات تفجير واغتيال لاحقاً، الامر الذي سيشكل قلقاً كبيراً للحكومة التركية، وفي وقت تواجه فيه تفجيرات إرهابية من عدة جهات، بعضها إسلامي متطرف، وبعضها الآخر كردي داخلي وخارجي.

ومن المؤكد أن هذه الرصاصات التي اغتالت السفير الروسي سيكون لها تأثير سلبي محدود على العلاقات الروسية التركية، ولكن من غير المستبعد أن تزيد من درجة التقارب بين البلدين، خاصة في الملف السوري.

وربما يكون مفهوماً ان يقدم متشددون سوريون على أعمال تفجير واغتيال في العمق التركي احتجاجاً على عدم ايفاء الرئيس التركي بوعوده، والانحياز الى المسلحين المحاصرين في حلب الشرقية، ولكن ان يقوم بعملية الاغتيال هذه، رجل أمن تركي في العشرينات من عمره، فان هذه ظاهرة مقلقة جداً للحكومة التركية، خاصة ان السيد مولود جاويش اوغلو، وزير الخارجية كان من المقرر أن يطير مساء أمس الاثنين الى موسكو للمشاركة في اجتماع ثلاثي مع نظيريه الروسي والإيراني لوضع مخططات للقضاء على الجماعات الارهابية في سورية، وترتيب مفاوضات، تحت مظلة الدول الثلاث، بين الحكومة السورية والمعارضة المعتدلة للتوصل الى حل سياسي يقود الى حكومة وحدة وطنية، وحل سياسي دائم بعيد عن المرجعيات الامريكية والأوروبية والعربية.

وخطورة عملية الاغتيال هذه التي وقعت في قلب العاصمة أنقرة، واستهدفت سفير دولة عظمى، تكمن في توجيهها ضربة قوية لصورة تركيا وهيبتها الأمنية، الامر الذي قد ينعكس سلباً على اقتصاد البلاد الذي يعاني من تدني معدلات الإنتاج القومي الى أدنى حدودها منذ عشرين عاماً، وارتفاع البطالة، وانخفاض قيمة العملة الوطنية الى حوالي النصف، ان لم يكن اكثر.

ولا نعتقد ان عملية الاغتيال هذه ستؤدي الى تراجع الرئيس التركي عن تقاربه مع روسيا، وربما يحدث العكس تماماً، أي انه سيندفع اكثر نحو موسكو، وينخرط في اتصالات، وربما تنسيق، مع الحكومة السورية لمواجهة الإرهاب الذي يصبح تدريجياً العدو المشترك للبلدين.

قبل ثلاثة أعوام قال الرئيس السوري بشار الأسد في مقابلة مع صحيفة غربية ان من يضع عقرباً في جيبه عليه أن يتوقع أن يلدغه في يوم ما.. يبدو ان جيب الرئيس اردوغان مليء هذه الأيام بالعقارب والثعابين والعناكب السامة، أو هكذا يعتقد العديد من الخبراء بشؤون المنطقة، ولذلك كثرت اللدغات وتعددت مصادرها.

بقلم: عبدالباري عطوان

المصدر: رأي اليوم

captcha