ایکنا

IQNA

جواهر علوية...

آفة الخير هي الاقتران بأهل السوء

17:02 - April 08, 2023
رمز الخبر: 3490651
بيروت ـ إکنا: للخير آفة قد تصيبه فتمنع من فعله، وآفته الاقتران بأهل السوء، واتخاذهم أصدقاء وخلّاناً، فإن المَرء على دين خليله كما جاء في الحديث ولولا اتفاقهما في الطبع لما صارا خليلين، فإن الطيور على أشكالها تقع، والنفوس جُندٌ مُجَنَّدة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منا اختلف.

و رُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "آفَةُ الْخَيْرِ قَرينُ السَّوْءِ".

وللخير آفة قد تصيبه فتمنع من فعله، وآفته الاقتران بأهل السوء، واتخاذهم أصدقاء وخلّاناً، فإن المَرء على دين خليله كما جاء في الحديث ولولا اتفاقهما في الطبع لما صارا خليلين، فإن الطيور على أشكالها تقع، والنفوس جُندٌ مُجَنَّدة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منا اختلف.

وقد يحدث أن يقارن شخص شخصاً من غير ميعاد، ولا نية مسبقة، كأن يجمعهما عمل، أو مكان، أو حدث، فتنشأ بينهما علاقة وقد تتوطد مع الأيام، والخليل يؤثر في خليله، فإن كان من أهل الخير استقطب خليله إلى الخير، وإن كان من أهل الشر استقطب خليله إلى الشر.

لذلك وجب الحذر الشديد والتَرَوِّي كثيراً قبل اتخاذ شخص ما خليلاً أو صديقاً، فإنه إما أن يفتح لخليله باباً واسعاً على الخير والهدى والعمل الصالح والسعادة في الدّارين، وإما يفتح له باباً واسعاً على الضلال والانحراف والغِواية والشقاء في الدّارين. 

القرآن الكريم يعرض لنا مشهد الأخلاء الذين كانت خلتهم على غير هدى من الله كيف يعادون بعضهم بعضاً يوم القيامة، ويُنكِر بعضهم بعضاً فيقول: "الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ"﴿67/ الزخرف﴾.

ولا عجب من هذا العداء، إنه لينبع من خُلَّتهم ذاتها، لقد كانوا في الحياة الدنيا يجتمعون على الشر، ويُعين بعضهم بعضاً على الإثم، واليوم بعد أن بانت الحقائق، وظهرت آثار تلك الخُلَّة وهي آثار خطيرة قاسية مرعبة فمن الطبيعي أن يتلاوَموا، فيلقي كل منهم على سواه تبعة ما كان منه، فهم ينقلبون خصوماً يخاصم كل منهم الآخر، وأعداءً ألِدّاء. 

وإنهم لَيعضُّون أصابعهم نَدَماً وحسرة على تلك الخُلَّة يوم الدين، بل يعضونها في الحياة الدنيا، فغالباً ما تنكشف الآثار السلبية الخطيرة التي تسبَّبَ بها الخليل والقَرين السَّيِّء الشِّرير، بلى والله إن كثيراً مِنّا ليقول في الدنيا قبل الآخرة: "يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ﴿28﴾ لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا"﴿29/ الفرقان﴾. 

وأنت ترى قارئي الكريم أن الله تعالى بعد أن عرض لنا مشهد ذلك النادم الذي لم يُبْقِ له إلا كلمة يا وَيلتى، ثم اعترافه بما جَناه عليه خليله من ضلال وانحراف، ومَنْعِه إيّاه من فعل الخير، وتسليمه إلى براثن الشَّرِّ، يقول الله بعد ذلك: "وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا". فكل قرين سيئ شِرّير هو شيطان أو واحد من أعوان الشيطان.

ولا يقتصر الأمر على النَّدَم والتَّحَسُّر، بل نرى ذلك الشخص البائس الذي يواجه عاقبته السَّيِّئة بسبب استسلامه لقرينه وتأثُّره بخليله، نراه يتمَنّى لو أنه لم يَرَه ولم يعرفه، ولم تجمع بينهما الأيام والمصالح والمنافع والحاجات في الدنيا فيقول: "...يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ"﴿38/ الزخرف﴾.

هكذا يصنع قرين الشَّرِّ بقرينه، وهكذا يهديه إلى عاقبة شديدة ُّالسوء، يمنعه من أن يكون من أهل الخير في الحياة الدنيا، ويمنعه من أن يفعل الخير، ويمنعه من الإعانة على الخير، ثم هو ذا يتخلّى عنه عند أول مفترق، وينفُضُ يده منه عند أول مُشكلة، يتركه ضائعاً وحده لا يهتدي إلى سبيل، فهو والله آفة، بل آفة خطيرة تقتل الخير والصلاح في نفس من يُبتلى بها، والوقاية منها أَوجَب من الوقاية من الجراثيم والأوبئة القاتلة، فلئن كانت هذه قد تقتل البَدن فتلك تقتل النفس، وقد رُوِيَ عن رسول الله (ص) أنه قال: "تَوَقَّوا مُصاحَبَةَ كُلِّ ضَعيفِ الخَيرِ قَوِيِّ الشَّرِّ خَبيثِ النَّفسِ، إذا خافَ خَنَسَ، وإذا أمِنَ بَطَشَ" وعن الإمام محمد بن علي الجواد (ع): "إيّاكَ ومُصاحَبَةَ الشِّرّيرِ، فَإِنَّهُ كَالسَّيفِ المَسلولِ يَحسُنُ مَنظَرُهُ ويَقبُحُ أثَرُهُ".

أخبار ذات صلة
captcha