ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّةٌ...

الظلم يُعَجّل نزول النِقْمة من الله على الظالم

10:37 - February 05, 2023
رمز الخبر: 3489807
بیروت ـ إکنا: الظلم في الدنيا بوار، وخراب، ودمار، وهو يُعَجِّل نزول النِقْمة من الله على الظالم، فقد أقسم الله بِعِزَّته أن ينتقم من الظالم في عاجله وآجله.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "اِحْذَرْ دَمْعَةَ الْمُؤْمِنِ فِي السَّحَرِ فَإنَّها تَقْصِفُ مَنْ أَدْمَعَها، وَتُطْفِئ بُحُورَ النِّيرانِ عَمَّنْ دَعا بِها".

هذه إشارة عَلَويَّة تحذيرية، تحذِّر من أمر شديد الخطورة، وعواقبه شديدة السوء، وهي لا تقتصر على يوم ولا يومين، ولا شهر ولا شهرين ولا سَنَة لا سَنَتَين، إنها تمتد مدى الحياة الدنيا، بل تتجاوزها إلى الحياة الآخرة، وهناك الوبال كله، والسُّوء كله، والحَسرة والندامة، ولاتَ حين مندم.

إنه الظلم، والظلم ظُلُماتٌ في الدنيا والآخرة، والظُّلمُ تَبِعاتٌ مُوبِقاتٌ، و الظُّلمُ في الدُّنيا بَوارٌ، وفي الآخِرَةِ دَمارٌ كما جاء في الروايات الشريفة. ولئن ظنَّ الظالم أنه سيفلَتَ من العقاب في الدنيا، ولن يفلت، فإنه في الآخرة يأتي رَهين ظلمه وجَوره وبطشه وتعديه، وهناك حيث لا تُقبَلُ فدية، ولا شفاعة، ولا توبة ولا يُؤثِّر ندَمٌ رغم أنه سيكون كثيراً وعميقاً وقاسياً، هناك حيث الناس يقفون للحساب بين يدي الله الذي لا تخفى عليه خافية، والشهود حاضرون يشهدون، الأبدان تشهد، والأمكنة تشهد، والجلود تشهد، والملائكة يشهدون، كلهم يُثبِتون الحقَّ، ويشهدون للمظلوم على ظالمه، هناك يقف المظلوم صاحب الحق وبيده مفتاح الجَنَّة، فإما أن يصفح عن ظالمه فيجتاز، أو يطالبه بحقه فيقتصُّ الله له حقه منه، ويؤَذِّن مُؤَذِّنٌ بينهم ألا لعنة الله على الظالمين، وقد رُوِيَ عن رسولِ اللَّهِ (ص) أنه قال: *"بَيْنَ الجَنَّةِ والعَبدِ سَبْعُ عِقابٍ، أَهْوَنُها المَوتُ".

وقالَ أنَسٌ: قلتُ: يا رسولَ اللَّهِ، فَما أَصْعَبُها؟ قالَ: "الوُقُوفُ بينَ يَدَيِ اللَّهِ عَزَّ وجلَّ إذا تَعَلَّقَ المَظلُومُونَ بِالظالِمِينَ" والله سبحانه لا تجوزه مَظلَمَة المظلوم، وهو للظالم بالمرصاد ليقتص منه للمظلوم حقَّهُ.

رُوِيَ عن الإمام أمير المؤمنين (ع) أنه قال: "قالَ اللَّهُ تعالى‏: وعِزَّتي وجَلالِي، لا يَجُوزُني ظُلمُ ظالِمٍ ولَو كَفٌّ بِكَفٍّ، ولو مَسْحةٌ بِكَفٍّ، ونَطْحَةُ ما بينَ الشاةِ القَرْناءِ إلى الشاةِ الجَمّاءِ، فَيَقتَصُّ اللَّهُ لِلعِبادِ بَعضِهِم مِن بَعضٍ حتّى‏ لا يَبقى‏ لأِحَدٍ عندَ أحَدٍ مَظلِمَةٌ، ثُمّ يَبعَثُهُم اللَّهُ إلى الحِسابِ".

والظلم في الدنيا بوار، وخراب، ودمار، وهو يُعَجِّل نزول النِقْمة من الله على الظالم، فقد أقسم الله بِعِزَّته أن ينتقم من الظالم في عاجله وآجله، فقد رُوِيَ عن الإمام أمير المؤمنين (ع) أنه قال: "سَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِمَّنْ ظَلَمَ، مَأكَلاً بِمَأكَلٍ، ومَشرَباً بمَشرَبٍ، مِن مَطاعِمِ العَلقَمِ، ومَشارِبِ الصَّبِرِ والمَقِرِ".

وقد يَخال الظالم أنه في مأمن من العقاب خصوصاً إذا كان الزمان زمانه، والدولة دولته، وبيده الإمكانيات والقُدُرات، وبين يديه الأتباع والأزلام والأعوان، وكان المظلوم عاجزاً لا حول له ولا قوة، لكنه أي الظالم يغفل عن أن الله جبار السماوات والأرض بالمرصاد له، وهو الذي لا يُعجِزُه شيء، ولا يقف لقدرته شيء، ويغفل عن أنه تعالى يسمع دعوة المظلوم، ودعوة المظلوم في آثارها أخطر وأقوى وأكثر تدميراً من أيِّ شيء آخر، لأن الله سبحانه هو الذي يتكفل له بتدمير الظالم وإهلاكه، ولله جنود السماوات والأرض، وبيده مقاليدهما وأسبابهما.

ورُوِيَ عن رسول الله (ص) أنه قال: "اتَّقُوا دَعوَةَ المَظلومِ، فإنّما يَسألُ اللَّهُ تعالى‏ حَقَّهُ، وإنَّ اللَّهَ تعالى‏ لَم يَمنَعْ ذا حَقٍّ حَقَّهُ " وعنه (ص): "اتَّقُوا دَعوَةَ المَظلومِ، فإنّها تُحمَلُ على الغَمامِ، يقولُ اللَّهُ: وعزَّتي وجلالِي لأَنصُرَنَّكَ ولَو بَعْدَ حِينٍ ". وعنه (ص): "اتَّقُوا دَعوةَ المَظلومِ، فإنّها تَصعَدُ إلى السَّماءِ كأنَّها شَرارَةٌ". وعنه (ص): "اتَّقُوا دَعوَةَ المَظلومِ وإن كانَ كافِراً، فإنّهُ لَيسَ دُونَهُ حِجابٌ".

وفي الحديث الذي تصدَّرَ رأس هذه المقالة يكشف الإمام أمير المؤمنين (ع) للمظلوم عن أهمِّ الأوقات وأنسبها للدعاء على ظالمه، كما يكشف عن عظيم الأثر الذي يترتب على دعائه، فوقت السحر هو وقت الخلوة مع الله والأنس به، هو وقت لا يكون بين المظلوم وبين الله حجاب، فإذا دعا اللهَ بقلب مُطمئنٍ موقِنٍ باستجابة الله له، ودمعت عيناه من مظلوميته فإن دمعته تقصف عمر ظالمه وتُبيدُه وتسرِّع أيّامه "اِحْذَرْ دَمْعَةَ الْمُؤْمِنِ فِي السَّحَرِ فَإنَّها تَقْصِفُ مَنْ أَدْمَعَها، وَتُطْفِئ بُحُورَ النِّيرانِ عَمَّنْ دَعا بِها".

بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية "السيد بلال وهبي"

أخبار ذات صلة
captcha